اقتصاد

تحليلات اقتصادية | القضاء على فقاعات الأصول.. الضرائب أحد الحلول

يشار بإصبع الاتهام إلى فقاعات الأصول عند وقوع حالات الركود الأكثر تدميرًا للاقتصادات، وفي الولايات المتحدة على سبيل المثال، أتبعت فقاعات الأسهم في عشرينات القرن الماضي و«دوت كوم» في التسعينات والعقارات في العقد الأول من هذا القرن بانكماش اقتصادي حاد.

هذا علاوة على الأثر المباشر والمنطقي لتضخم الفقاعات، وهو تدمير قيمة الأصول للأفراد والشركات بعد الانفجار (أو بعد فوات الأوان لإدراك الفقاعة)، وهو أمر يؤدي إلى إفلاس الأنشطة التجارية، ويسبب تأثيرا لاحقا من ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض الإنتاجية وحالة من الذعر المالي.

التوقعات الاستنباطية
طور الباحثون مجموعة كبيرة ومتنوعة من النظريات حول أسباب تضخم أسعار الأصول وتحطمها فجأة، ولصعوبة رصد أنماط واضحة لطبيعة هذه الظاهرة، كان مستحيلًا تصميم سياسات خالصة لمنعها، لكن أخيرا ركز عدد متزايد من الاقتصاديين على ما يسمونه «التوقعات الاستنباطية».

لسبب ما، يبدو أن المستثمرين يقررون في بعض الأحيان أن أحدث موجة من العائدات الجيدة تشكل نوعًا من الاتجاهات الأساسية المرتقبة، ورقة بحثية حديثة قارنت أسعار المنازل في أميركا وفقًا لتغيرات الضريبة على أرباح رأس المال، وتبين أن الولايات التي رفعت الضرائب أكثر كانت أقل عرضة للفقاعة.

بشكل أكثر وضوحًا، وجد الاقتصاديون: تشن يو قاو ومايكل سوكين ووي شيونغ، أن الولايات التي تفرض ضرائب منخفضة، تميل إلى عمليات الشراء الاستثماري للعقارات التي لم يخطط أصحابها للعيش فيها، استجابة لمكاسب الأسعار الأخيرة.

ببساطة، عندما ترتفع الأسعار ولا توجد زيادات ضريبية، فإن ذلك يجعل الناس يتوقعون انعكاسًا لهذا الاتجاه، فإنهم يعتقدون على نحو متزايد أن الاتجاه الصعودي سيستمر في المستقبل وبالتالي فإنهم يشترون العقارت بناءً على ذلك.

دراسة حديثة لبنك كندا، وجدت تباينًا في آراء الناس حول اتجاهات أسعار المنازل خلال السنوات الخمس المقبلة، لكن عندما يظهر الباحثون بيانات حول الأسعار الحديثة، فإنهم يعتقدون أن الاتجاهات الحالية ستستمر.

وجد الاقتصاديان تيريزا كوشلر وباسيت ظافر أن المناطق التي ترتفع فيها أسعار المساكن المحلية، يميل الناس فيها إلى توقع ارتفاع الأسعار عبر جميع أنحاء البلاد في السنوات القادمة.

من الواضح أن المستثمرين لا يتوقعون دائمًا استمرار الاتجاهات الحديثة إلى الأبد، إذن ما الذي يجعلهم يبدؤون في الاستنباط؟ قد يكون ذلك عندما يصبح اتجاه السعر أكبر من أن يلاحظه الناس، فإن الطبيعة النفسية للبشر تميل مباشرة إلى افتراض أن هذا هو الوضع الطبيعي الجديد.

وإذا كانت أسعار المنازل في منطقة ما ترتفع وتنخفض عادة، لكنها فجأة بدأت تسلك مسارًا صعوديًا لعدة سنوات، سيفترض ساكن هذه المنطقة أن قواعد اللعبة تغيرت، وأصبح الخيار الوحيد المتاح أمامه هو الشراء وليس شيء غيره.

حلول ومواجهة
قد يرد المدافعون عن نظرية كفاءة السوق، بالقول إنه في حالة حدوث مثل هذه السيناريوهات، يمكن للمستثمرين الأكثر فطنة المراهنة ضد الاتجاه الراهن ببساطة.

واكتسبت دراسة الفقاعات شعبية متزايدة خلال العقود الأربعة الماضية، وربما يكون الاقتصاديون قد اقتربوا أخيرًا من فهم هذه الظاهرة وتفسير أسبابها بشكل أعمق، ما يساعد في معرفة كيفية تجنبها قبل أن تتضخم ثم تنفجر عند مرحلة حرجة.

وإذا تمكنت الأبحاث الجارية حاليًا والمرتقبة مستقبلًا من إثبات صحة نظرية «التوقعات الاستنباطية» حول تشكل الفقاعات، فإن السؤال التالي يصبح: كيف يمكن للحكومات أن تضع لها حدًا في مهدها؟ الإجابة المختصرة للباحثين الآن هي «زيادة الضرائب».

لو تمكن الاقتصاديون من معرفة عدد سنوات ارتفاع الأسعار اللازم لخلق انطباع بوجود اتجاه دائم في أذهان المضاربين، سيمكن لصانعي السياسة اعتماد قاعدة مؤقتة لرفع ضرائب الأرباح الرأسمالية كلما زادت الأسعار خلال السنوات المقبلة.

حال كان هناك سبب وجيه لارتفاع الأسعار، فإن الضريبة المرتفعة ستحد من المكاسب غير المتوقعة للمستثمرين، لكن إذا كانت هذه بداية فقاعة بالفعل، فإن الزيادة الضريبية ستقلل من توقعات المضاربين بارتفاع الأسعار إلى الأبد، وبالتالي وأد الأزمة قبل ميلادها.

سبب الفقاعة؟
الفقاعة هي ببساطة: المبالغة في أسعار الأصول مثل الأسهم أو العقارات أو الذهب، حيث ترتفع الأسعار بسرعة كبيرة خلال فترة قصيرة غير مدعومة بالطلب الأساسي على الأصل نفسه، وتتشكل الفقاعة مع مواصلة المستثمرين دفع السعر فوق القيمة الحقيقية المستدامة.

هنا ثلاثة أسباب متعارف عليها قد تخلق فقاعة أصول، أولها وأكثرها شهرة أسعار الفائدة المنخفضة للغاية (وضع مماثل لما يجري في بعض الأسواق العالمية الرئيسية الآن، وخاصة أميركا)، حيث تسبب وفرة كبيرة بالمعروض النقدي وانخفاض تكاليف الاقتراض.

الفائدة المنخفضة تدفع عائدات السندات إلى التراجع، فيبحث المستثمرون عن فئة أصول أخرى مربحة يضخون بها أموالهم، وهو ما قد يسبب تشكل فقاعة بأحد هذه الأصول، أما السبب الثاني فهو تضخم الطلب على نوع معين من الأصول أصبح ذا شعبية فجأة. بعد ارتفاع سعر هذا الأصل، يبحث الجميع عن جني الأرباح، وهو ما قد يترتب عليه تخارج كبير من الاستثمار فيه مسببًا انهيار السعر وانفجار الفقاعة، وعادة ما يتجاهل صناع السياسة هذا التضخم لأن مؤشر أسعار المستهلك لا يعكسه.

أما السبب الثالث لتشكل الفقاعات، فهو نقص المعروض من الأصل، ويحدث ذلك عندما يعتقد المستثمرون أنه لا يوجد ما يكفي منه لتلبية الطلب المتزايد عليه، فيشعرون بالذعر ويبدؤون في شراء المزيد منه قبل نفاده.

في الحالات الثلاث السالف ذكرها، يمكن لفقاعة الأصول الإضرار بالأوضاع المالية للمشاركين في السوق، حيث تدمر الثروة المتراكمة على نطاق كارثي، ويمكن أن تنتقل تداعياتها السلبية من سوق إلى آخر وفي النهاية تلقي بالاقتصاد في غياهب الركود.

اكتسبت دراسة الفقاعات شعبية متزايدة خلال العقود الأربعة الماضية، وربما يكون الاقتصاديون قد اقتربوا أخيرًا من فهم هذه الظاهرة وتفسير أسبابها بشكل أعمق، ما يساعد في معرفة كيفية تجنبها قبل أن تتضخم ثم تنفجر عند مرحلة حرجة.

لا يمكن التنبؤ بها
رغم شيوع بعض الأسباب المشكّلة للفقاعات، فإن الأمر لا يمضي على هذا النحو ببساطة في كل مرة، ولا تتبع الفقاعة سلوكًا واضحًا يمكن اقتفاؤه بما يسمح للمتداولين بتجنب الانهيار، وعادة ما تتشكل في غفلة من السوق (ربما في أوقات النشوة) ثم تنفجر في غمضة عين، ولا تترك فرصة للنجاة.

3 أسباب تخلقها
1 – أسعار الفائدة المنخفضة للغاية
2 – تضخم الطلب على نوع معين من الأصول
3 – نقص المعروض من الأصل

 

(بوابة الاقتصاد)

إغلاق