هَوَت الليرة التركية تاريخياً إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق في تعاملات (الثلاثاء) متجاوزةً 29 ليرة للدولار.
وجرى تداول الليرة عند مستوى 29.03 للدولار، لترتفع خسائرها إلى أكثر من 35 في المائة من قيمتها منذ بداية العام الحالي بعدما خففت السلطات تدخلاتها في سوق الصرف وعادت إلى السياسات التقليدية.
ورفع مصرف تركيا المركزي سعر الفائدة من 5.5 في المائة في مايو (أيار) الماضي إلى 40 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مستهدفاً كبح التضخم الجامح وتخفيف الضغط على الليرة. وأثمرت السياسات الجديدة تقليل التقلب في أسعار الصرف.
ولا يزال التضخم يشكّل عامل ضغط على الرغم من الخطوات المتخَذة للسيطرة على الأسعار وتحقيق الاستقرار في الأسواق.
وارتفع التضخم السنوي في أسعار المستهلكين إلى 61.98 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) مدفوعاً بارتفاع أسعار المواد الغذائية والنقل.
كان التضخم قد سجل أعلى مستوياته على الإطلاق في نحو ربع قرن في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2021 عندما سجل 85.51 في المائة، وفقدت الليرة التركية في ذلك العام نحو 40 في المائة من قيمتها.
خفض التضخم
وتعهد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي يُنسب إليه الصعود الجامح في التضخم بعدما أصر على نظرية غير تقليدية تقوم على أن ارتفاع الفائدة هو سبب ارتفاع التضخم، وأصرّ عليها لما يقرب من 5 سنوات إلى أن اضطر إلى التخلي عنها بعد إعادة انتخابه، بصعوبة، للمرة الثالثة في مايو (أيار) الماضي، بخفض التضخم وتحسين الأوضاع الاقتصادية خلال الأشهر المقبلة.
وقال إردوغان، الاثنين، إن حُمّى التضخم بدأت بالتراجع، وسيتم تحقيق تحسن كبير في الأسعار في الأشهر المقبلة.
بدوره، قال نائب الرئيس التركي جودت يلماظ، خلال المناقشات الجارية في البرلمان لمشروع موازنة عام 2024 إن التضخم سيعود إلى خانة الآحاد في عام 2026.
وأضاف يلماظ أنه من المتوقع أن ينتهي تشديد السياسة النقدية والزيادات في الفائدة في عام 2024، بعدما بدأ التضخم العالمي في إظهار اتجاه هبوطي في الآونة الأخيرة.
وأشار إلى أن الاقتصاد التركي واصل نموه دون انقطاع في هذه الفترة الصعبة من خلال التدابير المتخَذة في الوقت المناسب، وأظهر أداءً جيداً جداً بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وتابع أنه بينما تستمر المخاوف بشأن الركود في الاقتصادات الأوروبية، تواصل تركيا اتجاه نموها دون انقطاع في عام 2023 على الرغم من كارثة الزلازل، واستمر النمو لمدة 13 ربعاً، ويمكن توقع تحقيق نمو بنسبة 4.4 في المائة في نهاية العام بسهولة، وهو الذي تصورناه في البرنامج متوسط الأجل المعلن في سبتمبر (أيلول) الماضي. كما نتوقع نمواً بنسبة 4 في المائة في 2024.
تحديات عالمية
في غضون ذلك، لفت وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، إلى أن هناك تحديات عالمية مهمة وتباطؤاً في النمو العالمي، قائلاً: «لسوء الحظ، في السنوات الأخيرة، بدأ النظام العالمي القائم على القواعد في التصدع… في الواقع، المنافسة بين القوى المهيمنة والقوة الصاعدة هي جوهر الأمر، وكل شيء آخر هو تفاصيل».
وأضاف شيمشك، خلال فعالية اقتصادية في غازي عنتاب، الثلاثاء: «بعبارة أخرى، فإن الصراع الجيوستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين يؤدي إلى انهيار النظام الذي جرى إنشاؤه بعد الحرب العالمية الثانية، إذ لا يوجد نظام جديد في الوقت الحالي، والنظام القديم به مشكلات، وهذا يجلب معه مشكلات خطيرة للغاية».
ولفت إلى أن الانخفاض الأخير في أسعار السلع الأساسية وتوقعات تحسن الظروف المالية العالمية تعد أموراً إيجابية، وأن استقرار الأسعار شرط أساسي للنمو المرتفع المستدام والزيادة الدائمة في الرفاهية.
وأوضح شيمشك أن الهدف الأساسي للبرنامج الاقتصادي للحكومة هو خفض التضخم إلى خانة الآحاد، «لكن لسوء الحظ هذا ليس سهلاً ولا توجد طريق مختصرة لتحقيقه»، وقال: «سوف نخفض التضخم إلى خانة الآحاد على أساس المعايير والقواعد العالمية، وللقيام بذلك، ستتم عملية التطبيع في السياسة النقدية، وتشديد الائتمان الانتقائي، خصوصاً استهلاك الموارد والائتمانات».
وأضاف: «أحد أهدافنا هو التركيز على الصادرات والإنتاج بدلاً من ذلك، الآن، يمكنك القول إننا نفعل ذلك لكنّ التضخم آخذٌ في الارتفاع، لأن السياسة النقدية تعمل بنوع من التأخير، علاوة على ذلك فإن نقطة البداية لم تكن مناسبة للبرنامج الاقتصادي».
وخلص شيمشك إلى أن «التركيز المهم هو على التضخم الشهري، لأن التضخم السنوي سينخفض بسرعة بدءاً من النصف الثاني من العام المقبل، وهذا ما يعبّر عنه البرنامج، فالتضخم سوف يستجيب للسياسات الصحيحة، حتى لو تأخرت، أي إن التضخم لا يستطيع مقاومة قوة الجاذبية، وسوف ينخفض لأننا وضعنا السياسات الصحيحة».