أخباراقتصاد

«الاندماجات» تدعم خطط البنوك الإماراتية للتوسع خارجياً

تدعم الاندماجات المصرفية قدرة البنوك الإماراتية على التوسع الخارجي في أسواق إقليمية وعالمية، فعمليات الدمج بين كيانات كبرى لها بُعدان إقليمي ودولي، وليس محلياً فقط، على اعتبار السوق المحلي بات مشبعاً من ناحية عدد البنوك وحجم المنافسة بين المصارف.

وأفاد محللون ومصرفيون بأن التطورات التي يشهدها القطاع المصرفي محلياً وعالمياً تجعل صفقات الاندماج بين المزيد من البنوك في الإمارات أمراً مرجحاً.

الدمج وإغلاق الفروع

وفيما كان لعمليات الدمج دور في تقليص عدد فروع البنوك، إلا أن السبب الرئيسي يرتبط بالتوجه الرقمي الذي بات ضرورة لاستمرار وتطور البنوك التقليدية.

وخلال السنوات الخمس الماضية أغلقت البنوك العاملة في السوق المحلي 348 فرعاً، أي نحو 37.2% من إجمالي فروعها، إذ وصل عدد الفروع المصرفية نهاية نوفمبر 2021 إلى 587 فرعاً، منها 513 فرعاً للبنوك الوطنية و74 فرعاً للبنوك الأجنبية، مقارنة بـ935 فرعاً نهاية نوفمبر من عام 2016، حين بلغ عدد فروع البنوك الوطنية 850 فرعاً، والأجنبية 85 فرعاً.

الرقمنة والمستقبل

وقال عضو المجلس الاستشاري في معهد تشارترد للأوراق المالية والاستثمار والمحلل المالي وضاح الطه، إن الرقمنة والاندماجات تقفان وراء تراجع أعداد فروع البنوك بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة بشكل رئيسي، لافتاً إلى أن البنوك تقرأ الواقع وتستشرف المستقبل، وبالتالي تعي أن الرقمنة ستكون الأساس في التعامل مع المتعاملين، وتعي أن الفروع لم تعد بذات الأهمية كما في السابق.

ولفت إلى أنه وفقاً لدراسة لمؤسسة كيرني الدولية، فإن نحو 25% من فروع البنوك الأوروبية ستختفي خلال 3 سنوات.

وأشار إلى أن فرص الاندماج في القطاع المصرفي لا تزال موجودة ومتوقعة سواء بين المؤسسات والبنوك الصغيرة أو بين كيانات كبيرة، لكن ما نتوقعه بشكل أكبر خلال المرحلة المقبلة هو اندماجات أو استحواذات على مؤسسات تكنولوجيا مالية «فينتك» تساعد البنوك في مهمتها وخطوتها المقبلة.

وعن أثر الاندماجات على المنافسة في السوق المحلي، أكد أن السوق الإماراتي مشبع من حيث عدد البنوك، وبالتالي فلا أثر للاندماجات في المنافسة وفرص المتعاملين في الوصول إلى أفضل الخدمات.

صمامات أمان

وأفاد الطه بأن الحديث عن الاندماجات ونفيها أمر شائع، وحدث خلال السنوات الماضية في أكثر من قطاع، منها القطاع المصرفي، وبعض الأنباء نفيت لكنها تمت بعد فترة وبعضها نفي ولم يحدث، وبالتالي فمسألة النفي أو الحديث عن اندماج معين لا يأخذ حد القطعية.

وأشار إلى أن مسألة الأقاويل طبيعية ويحق نفيها قبل أكثر من 90 يوماً من حدوث أمر فعلي أو جدي، حتى وإن كان هناك حديث يدور في هذا الخصوص.

وعن جدوى خلق كيانات مصرفية أكبر من الموجودة حالياً، أشار الطه إلى أن المصارف تعتبر واحدة من صمامات الأمان للاقتصاد الوطني، ولا شك أن خلق كيانات كبرى يدعم قدرة البنوك المحلية على التحرك خارج السوق المحلي واختراق أسواق جديدة ذات فرص نمو مرتفعة.

توسعات خارجية

وقال الطه: «لا شك أن الاندماجات التي تمت أسهمت في دعم قدرة البنوك المحلية على التوسع في أسواق إقليمية مهمة جداً، وقد تكون عصب الاقتصادات الإقليمية، على رأسها مصر والسعودية وتركيا».

وتابع: «الكيانات المصرفية الحالية كبرى على المستوى الإقليمي، لكن على المستوى العالمي لا تزال دون الكثير من المؤسسات المالية الدولية، وبالتالي فالتفكير بالمزيد من التوسع الدولي يمكن أن يتطلب وجود كيانات أكبر».

وأوضح أنه «من المهم أن نرى اندماجات بين الكيانات المصرفية الصغيرة، لكن غياب هذه الاندماجات لا يعني أن تلك المصارف لا تعي واقع الحال وطبيعة المنافسة، لكنها بنوك قد تكون أكثر انتقائية وتركيزاً على شرائح معينة».

علاقة التوسع بالاندماجات

من جهتها، أفادت المصرفية عواطف الهرمودي، بأن العديد من البنوك الإماراتية توسعت في دول إقليمية وعالمية، وباتت موجودة في مصر والسعودية وتركيا وحتى في لندن وسنغافورة بالنسبة لبعض الأعمال، لافتة إلى أن هذا الأمر ما كان لينجح إن لم تكن البنوك الإماراتية بحجم يسمح لها من إجراء تلك التوسعات في أسواق كبرى خارجية.

وأكدت أن التوسع الخارجي تناسب طرداً مع الاندماجات التي حدثت على مدى السنوات الماضية.

وأوضحت أن عمليات الاندماج بين البنوك الصغيرة إن حدثت يكون بُعدها محلياً في العموم، لكن اندماج الكيانات الكبرى لها أبعاد محلية وإقليمية وعالمية، وهي تدعم مركز الدولة الاقتصادي قبل كل شيء.

وأشارت إلى أن عمليات الاندماج التي حدثت خلال السنوات الماضية والتوسعات الخارجية جعلت من بعض البنوك المحلية «علامات تجارية عالمية».

وتحدثت الهرمودي، عن الخبرة التي تحصل عليها البنوك المحلية نتيجة التوسع الخارجي، فالمنافسة في سوق كلندن يتم وفق معايير العمل المصرفي في السوق البريطاني.

تحدٍ للتوظيف

وحول أثر الاندماجات في موظفي القطاع المصرفي، أوضحت الهرمودي أن الغرض من الاندماج أو تبني التقنية لا يهدف إلى تقليص القوى العاملة أو تقليص الفروع، لكنه أمر واقع على البنوك التعامل معه، وفي الوقت ذاته فإنه يوفر وظائف جديدة وأفقاً جديداً لا يمكن التخلي عنها.

دعم الاقتصاد

بدوره، قال المحلل المالي حسام الحسيني، إن «الاندماجات المصرفية التي حدثت خلال السنوات الماضية أوصلت بعض المجموعات إلى ضمن قائمة الكيانات الإقليمية الكبرى، ومنحتها المرونة والملاءة الكافية من أجل القيام بالتوسعات الخارجية التي رأيناها خلال الأعوام الماضية».

وأكد أن هذه الاندماجات واستمراريتها أمر مرحب به، لما فيه من مصلحة للبنوك نفسها واقتصاد الإمارات بشكل عام، مؤكداً أن هذه الكيانات باتت أكثر قدرة على اختراق أسواق جديدة والدخول إليها.

وفرق الحسيني بين البنوك من حيث الاندماجات وأهدافها، لافتاً إلى أن بعض الكيانات وصلت إلى مستويات تؤهلها لتقود عمليات استحواذات أو توسعات خارجية، وبالتالي لم تعد محتاجة إلى المزيد من الدمج، لكن في كل الأحوال فالدمج لا يضرها.

اندماجات مصرفية محلية تؤسس لـ3 كيانات كبرى

وشهدت السوق المحلية على مدى الأعوام الماضية عدداً من حالات الاندماج بين البنوك، لتشكيل كيانات كبرى قادرة على الاستمرارية والمنافسة والتوسع، وتالياً أبرز 3 حالات: الإمارات دبي الوطني بدأت عملية الاندماجات الكبرى في السوق الإماراتي عام 2007، حين تم دمج كل من بنك الإمارات الدولي وبنك دبي الوطني في بنك واحد هو «الإمارات دبي الوطني»، وكانت حصتهم المشتركة بالسوق تصل إلى نسبة 19.2% بقيمة 165.2 مليار درهم، كما في نهاية عام 2006.

واستحوذ الإمارات دبي الوطني في عام 2011 على مصرف دبي، لكن العام الماضي استحوذ بنك زاند الرقمي على حصة الأغلبية في أسهم المصرف من الإمارات دبي الوطني.

وتمكن «الإمارات دبي الوطني» في عام 2019 من إكمال الاستحواذ على كامل حصة بنك «سبير الروسي» في «دنيز بنك»، البالغة 99.85%، وبلغت إجمالي أصول البنك 687 مليار درهم نهاية عام 2021، ليكون ثاني أكبر بنك محلي، وأحد أكبر البنوك الإقليمية.

أبوظبي الأول في 7 ديسمبر 2016 وافق مساهمو بنكي الخليج الأول وأبوظبي الوطني على اندماج البنكين لتشكيل كيان مصرفي عملاق.

وتم تغيير اسم البنك المدمج الجديد إلى «بنك أبوظبي الأول»، ومع إصدار الأسهم الجديدة في بنك أبوظبي الوطني، يمتلك مساهمو بنك الخليج الأول 52% من بنك أبوظبي الأول، بينما يمتلك مساهمو بنك أبوظبي الوطني 48% منه، وتبلغ حصة حكومة أبوظبي والهيئات ذات الصلة نحو 37%.

وحصل بنك أبوظبي الأول على تصنيف البنك الأكثر أماناً في دولة الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط، وحصل على المركز 32 عالمياً بين البنوك الأكثر أماناً بحسب تصنيف مجلة غلوبال فاينانس.

وصنف البنك كأكبر بنك في دولة الإمارات والثالث في الشرق الأوسط، وفي المركز 94 في العالم من حيث قوة «رأس المال – الشق الأول» ضمن تصنيف مجلة «ذا بانكر» لعام 2021 الخاص بأقوى 1000 بنك في العالم.

أبوظبي التجاري أوصل الاندماج الذي تم بين كل من بنوك أبوظبي التجاري والاتحاد الوطني ومصرف الهلال الكيان الجديد مجموعة «بنك أبوظبي التجاري» إلى ثالث أكبر مؤسسة مالية وواحدة من أكبر مقدمي الخدمات المصرفية والمنتجات المالية، بقاعدة متعاملين تصل إلى مليون متعامل، وفقاً للمعلن عنه في 31 ديسمبر 2018.

واكتمل الاندماج في مايو 2019، فيما تصل قيمة أصول المجموعة إلى نحو 440 مليار درهم، كما في نهاية عام 2021.

المصدر : الرؤية

إغلاق