قال خبراء لـ«الرؤية» إن عملة الين الياباني ظلت فترة طويلة تُصنّف ضمن عملات الملاذ الآمن وقت الأزمات الاقتصادية، خاصةً مع ارتفاع التضخم لمستويات قياسية.
وأشار إلى أنه رغم اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وتصاعدها التي من المفترض أن تعزز مكانة تلك العملة كملاذٍ آمن، فإن هناك بعض البيانات الاقتصادية التي أعلنت مؤخراً جعلت الين يتأخر في مقابل ارتفاع مكانة اليوان الصيني والدولار الأمريكي بين تلك العملات.
وبدوره، قال رئيس قسم أبحاث السوق لدى «سبائك مصر»، طاهر مرسي، إن الحجم التجاري الضخم الذي تمثله اليابان عالمياً، وشبكة العلاقات التجارية الدولية الكبيرة، إضافة للتسهيلات التي يقدمها البنك المركزي الياباني للمستثمرين الأجانب، يجعل عملاتها الين من الملاذات الآمنة لاسيما في وقت الحروب والضغوط التضخمية التي نعيشها حاليا.
وأشار إلى أن هذه الرؤية صحيحة من الناحية النظرية، إلا أن هناك تغيرات جوهرية جعلت من المهم إعادة النظر في ذلك وفي مقدمتها تسجيل اليابان عجزاً في الميزان التجاري للشهر السادس على التوالي. ووفقاً لبيانات اقتصادية، جاءت أكبر زيادة في العجز التجاري الياباني في نهاية شهر يناير 2022 حيث وصل إلى مستوى -2191.1 مليار ين.
وأوضح أنه ومع تأزم وضع التجارة الدولية، والمعاناة التي يواجهها الاقتصاد الدولي بسبب الحرب في أوكرانيا، والتي تسببت في تزايد خطر التضخم على الاقتصادات الرئيسية، والذي يصب بالأساس في رفع التكاليف، من خلال أسعار الطاقة التي وصلت لمستويات قياسية هو ما ينذر بتراجع في معدلات النمو وارتفاع وتيرة الركود وتتضاءل توقعات نمو الاقتصاد الياباني، والقدرة على معالجة العجز في الميزان التجاري.
وأشار إلى أن تلك الأمور تساعد بالتالي للضغط على العملة اليابانية بشكل كبير. ولفت إلى أن من بين تلك المتغيرات القراءات السلبية في بيانات الحساب الجاري الذي سجل تراجعات لمدة 3 شهور منذ ديسمبر 2021 حيث سجل -1188.7 مليار ين في يناير 2022، وكان قد سجل -370.8 مليار ين في ديسمبر 2021.
ولفت إلى أنه مع تزايد البيانات السلبية الخاصة بالميزان التجاري، والحساب الجاري، وبإضافة مخاطر التضخم، المرشح للاستمرار لفترة أطول تتراجع حظوظ الين الياباني عن السابق في اعتباره ملاذاً آمناً أمام عملات أخرى.
وأوضح أن في مقدمة تلك العملات عملة اليوان الصيني، والذي يتبع العملاق الأكبر اقتصادياً من حيث البيانات الإيجابية على كافة الأصعدة، مؤكداً أنه وبنفس الوقت تتراجع حظوظ العملة اليابانية أمام عملات الملاذ الآمن حالياً وهي في مقدمتها الدولار الأمريكي واليوان الصيني.
وأكد أن الآن الوضع اقتصادياً حالياً مختلف، حيث إن الصين أصبحت هي صاحبة أكبر فائض في الميزان التجاري ووصل 115.95 مليار دولار في فبراير 2022، كما أن لديها حساباً جارياً إيجابياً وصل 119.4 مليار دولار في فبراير الماضي أيضاً.
وبدوره، قال الخبير الاقتصادي محمد مهدي عبدالنبي، إن تزايد التوقعات بدخول الاقتصاد العالمي في ركود إضافة للضغوط التضخمية الهائلة التي ساهمت العمليات العسكرية الروسية بأوكرانيا والبيانات الاقتصادية السلبية في إزاحة الين الياباني من عرش الملاذات الآمنة حالياً. وأوضح أن الدولار عزز من مكانته كعملة للملاذ الآمن حتى في وسط الأزمة وذلك لعدم خوض الولايات المتحدة في المواجهة العسكرية المباشرة مع روسيا. ولفت أيضاً إلى أن ارتفاع السلع عموماً يصب في صالح الطلب على الدولار، وهو ما يعزز مكانته أيضاً كملاذٍ آمن.
ولفت إلى أنه رغم وجود عجز ضخم في الميزان التجاري الأمريكي، فإن الطلب على العملة التي تعتبر عملة التسعير الدولي حالياً هو ما دفع مؤشرها للصعود لأعلى مستوى له منذ مارس 2020 وفوق 99.00 نقطة.
المصدر : الرؤية