بعد مرور نحو 33 يوماً من «الحصار المهلك» الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، وفق وصف مسؤولة أممية، يفتقر سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة لما يكفي من الغذاء، ويواجهون سوء التغذية، بينما تشير المعلومات الإسرائيلية الرسمية إلى تكبُّد إسرائيل خسائر اقتصادية فادحة.
ولم يدخل إلى غزة إلا النزر اليسير من المساعدات الإنسانية منذ بدأت إسرائيل قصف القطاع المكتظ بالسكان في السابع من أكتوبر (تشرين الأول). ويؤكد مسؤولون من الأمم المتحدة أن الإمدادات التي تدخل غزة لا تلبي بحال من الأحوال الاحتياجات الإنسانية للسكان.
وقالت كيونغ نان بارك، مديرة الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة: «قبل السابع من أكتوبر، كان 33 بالمائة من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي… يمكننا القول بأمان إن 100 بالمائة يعانون من انعدام الأمن الغذائي في هذه اللحظة».
وأضافت أن برنامج الأغذية العالمي يحتاج إلى 112 مليون دولار ليتمكن من الوصول إلى 1.1 مليون شخص في غزة في التسعين يوماً المقبلة. وأضافت: «إنهم يواجهون خطر سوء التغذية». وأردفت أنه بالإضافة إلى التمويل، يحتاج البرنامج أيضاً إلى دخول منتظم وآمن إلى غزة؛ حتى يتمكن من الوصول إلى الأشخاص المحتاجين.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه منذ إعادة فتح معبر رفح أمام الإمدادات الإنسانية في 21 أكتوبر الماضي، انخفض المتوسط اليومي لعدد الشاحنات التي دخلت غزة إلى أقل من 19 بالمائة مما كان عليه قبل الصراع.
وقالت كيونغ نان: «ندخل الآن ما بين 40 إلى 50 شاحنة… بالنسبة للمساعدات الغذائية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي فحسب، سنحتاج إلى 100 شاحنة يومياً حتى نتمكن من تقديم غذاء مُجْدٍ لسكان غزة». وأضافت أن موظفي البرنامج أنفسهم في غزة ليس لديهم ما يكفي من الطعام. وأفادت بأن البرنامج كان يعمل مع أكثر من 23 مخبزاً في المنطقة المكتظة بالسكان، لكن لم يبق منها إلا واحد فقط ما زال يعمل، وذلك بسبب نقص الوقود والإمدادات.
ومضت تقول: «هناك قصص عن أشخاص يذهبون إلى هناك، ويظلون في الطابور 10 أيام، ثم يغادرون خالي الوفاض… إنه لأمر خطير جداً».
وفي مقابل معاناة سكان قطاع غزة، فإن الاقتصاد الإسرائيلي بدوره يتكبد خسائر فادحة؛ إذ كشف البنك المركزي في إسرائيل يوم الخميس أن تغيُّب العمال عن العمل بسبب الصراع القائم بين إسرائيل و«حماس» كلَّف الاقتصاد الإسرائيلي 6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، أو ما قيمته 2.3 مليار شيقل (600 مليون دولار تقريباً) كل أسبوع.
ونقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن تحليل للبنك جاء فيه أن نحو 53 بالمائة من الخسارة نتجت عن غياب نحو 520 ألف أب وأم عاملين بسبب إغلاق المدارس ورياض الأطفال.
وأضاف البنك أن 26 بالمائة من الخسائر نتجت عن إجلاء نحو 144 ألف عامل من منازلهم في مناطق الخطر، في حين جاء 21 بالمائة من الخسائر بسبب التجنيد المكثف لنحو 360 ألف جندي احتياطي.
باع البنك المركزي نحو 8.2 مليار دولار من النقد الأجنبي في أكتوبر، ما أدى إلى تراجع الاحتياطي إلى 191.235 مليار دولار. وهذه هي المرة الأولى على الإطلاق التي يبيع فيها بنك إسرائيل النقد الأجنبي.
وراجع بنك إسرائيل الشهر الماضي توقعاته للنمو للعام الحالي والمقبل، مشيراً إلى أنه من المتوقع الآن أن ينمو الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 2.3 بالمائة في عام 2023، و2.8 بالمائة في عام 2024 نتيجة تداعيات الحرب. وتمثل هذه الأرقام تعديلاً نزولياً عن التقديرات السابقة التي أشارت إلى نمو بنسبة 3 في المائة لكلا العامين.
ووفق «جيروزاليم بوست»، فمن بين التحديات الخمسة الرئيسية، هناك الشق الاقتصادي والذي يكمن باحتمالية انزلاق الاقتصاد الإسرائيلي إلى ركود، وفق توقعات لخبراء، مع استمرار الصراع واستدعاء أكثر من 360 ألف جندي احتياطي واضطرارهم للتخلي عن وظائفهم العادية.
وقدرت وزارة المالية الإسرائيلية، في بداية هذا الأسبوع، وصول خسائر إسرائيل من حربها في غزة إلى 50 مليار دولار، حيث وصفت التكلفة بالباهظة.