يمكن أن تؤدي جولة جديدة من تخفيضات الأسعار من كبار تجار التجزئة في الولايات المتحدة، إلى جانب بيانات تُظهر تباطؤ الإنفاق الاستهلاكي، إلى تعزيز ثقة مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في انخفاض التضخم وتأثيره في أرباح الشركات التي استحوذت على حصة أكبر من الدخل القومي منذ بداية جائحة «كوفيد – 19».
وذكرت وزارة التجارة، يوم الخميس، أن الاقتصاد الأميركي نما بشكل أبطأ مما كان يُعتقد في البداية، حيث توسع بمعدل سنوي 1.3 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام مقابل تقدير أوّلي بنسبة 1.6 في المائة، وفق «رويترز».
وجاء كثير من التغيير من انخفاض وتيرة الإنفاق الاستهلاكي، مما يشير إلى أن الدعامة الأساسية للاقتصاد قد تتباطأ بما يتماشى مع توقعات مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي»، وربما يساعد على خفض التضخم أيضاً.
وتوقع الاقتصاديون الذين استطلعت آراءهم «رويترز» أن يرتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي بمعدل سنوي 2.7 في المائة في أبريل (نيسان)، وهو ما يتوافق مع المكاسب في مارس (آذار). ويستخدم «الاحتياطي الفيدرالي» تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي لتحديد هدف التضخم بنسبة 2 في المائة، ويشعر صناع السياسات بالقلق من أن التقدم نحو هذا المستوى ربما توقف بعد انخفاض مطَّرد من الذروة فوق 7 في المائة في يونيو (حزيران) 2022.
ومن المتوقع أن يُبقي «المركزي الأميركي» في اجتماع السياسة المقرر عقده في الفترة من 11 إلى 12 يونيو على سعر الفائدة القياسي ثابتاً في نطاق 5.25 في المائة إلى 5.50 في المائة، وهو نفس المستوى الذي كان عليه منذ يوليو (تموز) الماضي. ويقول مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» إن الخطوة التالية بشأن أسعار الفائدة من المرجح أن تكون أقل، ولكن ليس قبل أن يشعروا بأن التضخم سيستأنف انخفاضه إلى 2 في المائة.
وقد تساعد بيانات الناتج المحلي الإجمالي المنقحة، التي خفضت أيضاً تقديرات التضخم في الربع الأول بشكل طفيف، في هذه الحالة، كما فعلت سلسلة من إعلانات خفض أسعار الشركات الأخيرة.
وقال الخبير الاقتصادي في «آر إس إم يو إس»، توان نغوين، إن البيانات الجديدة يجب أن تكون «تراجع الطلب الإجمالي وانخفاض التضخم في الربع الأول من العام بمثابة ارتياح للاحتياطي الفيدرالي والسوق وليس مصدر قلق» من الانزلاق الاقتصادي السريع. ويعزز ذلك قضية تخفيض «الفيدرالي» أسعار الفائدة «عاجلاً وليس آجلاً».
تحول المشهد
وقالت شركة «والغرينز» إنها «تتفهم أن عملاءنا يتعرضون لضغوط مالية»، وانضمت هذا الأسبوع إلى «تارغت» و«وول مارت» وتجار التجزئة الآخرين في تخفيضات واسعة النطاق في الأسعار تركز على المواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى.
وقال مسؤولو «الفيدرالي» إنهم يشعرون بأن المستهلكين في حالة جيدة على نطاق واسع، مع انخفاض معدلات البطالة وارتفاع الأجور. لكنهم لاحظوا أيضاً علامات التوتر بين الأسر ذات الدخل المنخفض، بما في ذلك ارتفاع معدلات التخلف عن سداد القروض واقتراض بطاقات الائتمان.
وقد تُظهر تخفيضات الأسعار التي أُعلن عنها هذا الشهر نفس الشعور الذي يترسخ في الأجنحة التنفيذية للشركات ويؤثر في نوع من الديناميكية التي يتوقع صناع السياسة في «الفيدرالي» أنها ستترسخ في النهاية: معركة على الحصة السوقية مع تراجع قوة التسعير في عصر الوباء، إلى جانب الأرباح المرتفعة التي أعقبت ذلك.
أرباح الشركات
وتضمنت البيانات الصادرة عن وزارة التجارة يوم الخميس، تقديراً لأرباح الشركات للأشهر الثلاثة الأولى من العام. وعلى الرغم من انخفاضها بشكل طفيف، فإن أرباح الشركات استمرت في الحصول على حصة مرتفعة من الدخل الذي حصل عليه جميع العمال والشركات مجتمعة.
وارتفعت حصة الشركات من الدخل خلال الجائحة بسبب تعطل سلاسل التوريد ومدفوعات نقل الأموال للأفراد خلال الجائحة، مما ترك المستهلكين الذين يقيمون في المنازل بأموال لإنفاقها على سلع أصبحت نادرة -وهو ما أدى إلى ارتفاع الأسعار وزيادة هوامش الربح. وعندما رُفعت القيود المفروضة بسبب الجائحة واستُؤنفت الفعاليات الشخصية، تحول فائض القوة الشرائية هذا إلى السفر والمطاعم والخدمات الأخرى -وارتفع التضخم هناك أيضاً.
وقال مسؤولو «الاحتياطي» في الأسابيع الأخيرة إنهم يعتقدون أن المشهد تغير، حيث تقول الشركات عموماً إن قدرتها على رفع الأسعار تضاءلت مقارنةً بالعامين الماضيين. وفي أحدث مجموعة من الحكايات التي أصدرها «الفيدرالي» تحت عنوان «الكتاب البيج» حول الاقتصاد، كان هناك شعور واسع النطاق بأن المستهلكين أصبحوا أكثر انتقائية ويفرضون الضغوط على الشركات.
وقال كبير الاقتصاديين في «إل بي إل فايناشيال»، جيفري روتش، بعد إصدار «الفيدرالي»: «أصبح المستهلكون أكثر وعياً بالأسعار، مما يفرض ضغوطاً على هوامش الربح على الأرجح. يجب أن نتوقع مزيداً من الخصومات والحوافز، إذ يعاني بعض المستهلكين ارتفاع الأسعار المستمر».