واصلت الأسهم الأمريكية ارتفاعها لنحو 13 عاماً، غير متأثرةٍ بالحرب أو الأمراض أو التضخم، وفي الوقت الحالي، تصنَّف نسبة ارتفاع 6.6% في مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» كأكبر انتعاشٍ يتزامن مع بدء دورة رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة منذ الحرب العالمية الثانية، حسبما جاء في مقالة نشرها موقع «بلومبيرج» مؤخَّراً.
بفضل التقارير الاقتصادية الإيجابية، حقَّقت الأسهم أسبوعها الثاني على التوالي من المكاسب، حيث استردَّ مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» نصف خسائره منذ يناير.
وأشار المحللون إلى أنَّ تصاعد الأسعار تسبب صداعاً لمحافظِي البنوك المركزية، الأمر الذي يمثِّل درجةً فاشلة في جهودهم لكبح جماح التضخم والعمل ضد هذا الهدف عبر إبقاء الظروف المالية غير مقيدة.
وأفاد مايكل أورورك، كبير المخططين الاستراتيجيين للسوق في شركة «جونز تريدينغ» (Jonestrading)، بأنَّ «مصداقيةَ مكافحة التضخم آخرُ شيءٍ يمتلكه الرئيس باول الآن، ومن المفارقات أنَّه كلما زادت مرونة الأسواق المالية، زادت فرصته بإعادة ترسيخ تلك المصداقية».
وحقَّق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مكاسب في جميع الجلسات، باستثناء جلستين منذ 16 مارس، عندما أعلن الاحتياطي الفيدرالي عن أول زيادة في سعر الفائدة منذ عام 2018.
وعندما أكَّد بأول يوم الثلاثاء أنَّ المركزي مستعدٌّ لرفع الأسعار بنصف نقطة مئوية في اجتماعه المقبل، قفز مؤشر الأسهم بما يزيد على 1٪، ليصل إلى أفضل ارتفاع له لمدة 6 أيام منذ عام 2020. كما ارتفعت أسعار النفط إلى ما يزيد على 110 دولارات للبرميل، وانقلبت بعض قطاعات منحنى عائد الخزانة.
وتوجَد العديد من التفسيرات لمرونة الأسهم، فربما تغيَّرت نظرة المستثمرين مع تفكيك مديري الأموال المحترفين للمخاطر المالية، وتراجُع أموال التجزئة أخيراً، في الوقت نفسه، ارتفعت تقديرات الأرباح هذا العام، ما دفع البعض إلى التكهُّن بأنَّ الأسهم ستعمل غطاءً للتضخم.
وذكرَ إيبك أوزكارديسكايا، كبيرُ المحللين في بنك «سويسكوت»، أنَّ الاحتياطي الفيدرالي يحاول إيجاد أقلِّ السياسات سوءاً لتصحيح الخطأ الفظيع الذي ارتكبه عند السماح للتضخم بالوصول إلى هذا المستوى المرتفع، ولحسن الحظ، يساعدُ وضعُ السوق الحالي باول الذي ذكر في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي أنَّ السياسة تعمل عادةً عبر الأوضاع المالية لتصل إلى الاقتصاد الحقيقي، أي أنَّ ارتفاع تكاليف الاقتراض وانخفاض أسعار الأصول يخفف من الطلب المفرط، أو العكس.
وبفضل ارتفاع الأسهم، هدأ مؤشر بلومبيرج للأوضاع المالية الأمريكية حتى بعد رفع الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة، ويبدو أنَّ هذا يتعارض مع مساعي محافظي البنوك المركزية، حيث أفاد هيو روبرتس، رئيس التحليلات في «كوانت إنسايت» (Quant Insight)، بأنَّ المضاربين على الهبوط يخشون أن تؤدي الأسهم الصاعدة إلى تقويض جهود الاحتياطي الفيدرالي الرامية إلى تشديد الأوضاع المالية العامة، حيث يمكن للأسهم الصاعدة أن تتسبب بسقوطها عبر استفزاز الاحتياطي الفيدرالي للمزيد من التشديد.
ومنذ ارتفاع الأسعار، حققت الأسهم الحساسة اقتصادياً مكاسب في السوق، ما يحتمل أنَّ المستثمرين في الأسهم يؤيدون وجهة نظر باول بأنَّ الاحتياطي الفيدرالي سيتمكَّن من هندسةِ استقرارٍ سلسٍ في الاقتصاد، فيما ازدادت توقُّعاتُ التضخم مع مراهنة المتداولين على أنَّ ضغوط الأسعار ستمتد إلى ما بعد عام 2024، العام الذي من المتوقع أن تنتهي فيه دورة التشديد الحالية.
كما ارتفعت معدلات التضخم إلى مستويات قياسية في كل من سندات الخزانة لخمس وعشر سنوات، ما يشير إلى زيادة تشديد الاحتياطي الفيدرالي بهدف تهدئة التضخم، ما يمكن أن يدفع الاقتصاد إلى الركود.
يُذكر أنَّ زيادة 2018 هي الأولى بعد زيادة عام 1990، وعندها عكس الاحتياطي الفيدرالي المسار بعد 7 أشهر. لكن الخلفية الاقتصادية مختلفة الآن، حيث بلغ التضخم 7.9%، وفي عام 2018، لم تتجاوز مكاسب أسعار المستهلك 3%.
وقال كارا ميرفي، مديرة الاستثمار في شركة «كيسترا هولدينغز» (Kestra Holdings)، إنَّ الأسهم الأقوى تمنح الاحتياطي الفيدرالي المزيد من التغطية، لكنه سيكون أكثر استجابة لزيادات الأسعار وكيفية أداء سوق العمل، مشيرةً إلى استعداده للتضحية بالأسهم إذا تطلب الأمر ذلك
المصدر : الرؤية