أحدثت أزمة الدينار العراقي الذي تشهد أسعار صرفه تراجعاً متواصلاً أمام الدولار الأميركي منذ أشهر انقساماً حاداً داخل صفوف اللجنة المالية في البرلمان العراقي، على خلفية انتقادات شديدة وجّهها العضو فيها النائب محمد نوري الخزعلي إلى السياسات المالية التي يتبناها المصرف المركزي، كاشفاً عن فقدان 35 تريليون دينار عراقي (نحو 21 مليار دولار).
وقال الخزعلي في تصريحات إعلامية: «إن أكثر من 35 تريليون دينار عراقي مطبوعة لا وجود لها داخل العراق، علماً أن هناك دولتين مجاورتين فقط تتعاملان مع العراق بالدينار»، في إشارة إلى إيران.
وأضاف: «إن سيطرة الأحزاب والمحاصصة الموجودة ضمن النظام المالي هي التي أسست لفشل الاقتصاد العراقي، ولا توجد دولة حتى الآن تعتمد على الحسابات الورقية وليس لديها حسابات ختامية في المصارف، ولا أتمتة إلكترونية وأكثر من 73 مصرفاً أهلياً سوى العراق».
ووصف المصرف المركزي بأنه «فاشل ولا يهدف إلى إدارة حقيقية»، معتبراً أن «سيطرة بعض الأطراف على قراراته أثرت على سعر الدولار، والخطأ الأكبر كان تسعير الدولار في الموازنة بـ132 ألفاً مقابل 100 دولار لأنها كلفت العراق خسارة أكثر من 9 تريليونات وأصبح الفارق بينها وبين أسعار السوق كبيراً».
وإذ أشار إلى أن الاقتصاد العراقي مرتبط بشكل كامل بالولايات المتحدة، قال الخزعلي «كنا نتلقى 3 دفعات بالدولار واليوم واحدة فقط. كما أن عقوبات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي تسببت بانفجار سعر الصرف، وهو يتعامل معنا وفق الصواريخ التي تسقط على قاعدة عين الأسد والسفارة»، في إشارة إلى الهجمات الصاروخية التي تشنها الفصائل المسلحة الموالية لإيران على القواعد والأماكن التي تتواجد فيها القوات الأميركية داخل العراق.
تصريحات الخزعلي أثارت غضب واستياء اللجنة المالية ورئيسها عن ائتلاف «دولة القانون» عطوان العطواني، حيث أصدرت بياناً قالت فيه: «تابعنا باستغراب واستهجان شديدين التصريحات غير المسؤولة التي أدلى بها النائب محمد نوري الخزعلي خلال استضافته في إحدى القنوات الفضائية للحديث عن السياسة النقدية في البلاد وإجراءات المصرف المركزي العراقي».
وتابع البيان: «وإذ ننفي نفياً قاطعاً المزاعم التي تحدث بها السيد النائب، كونها تفتقد المصداقية والدقة والموضوعية، وتنم عن عدم إلمامه بإجراءات وواجبات اللجنة، نعبّر عن رفضنا الشديد لهذه الادعاءات لما تحمله من إساءة كبيرة لمهام وواجبات اللجنة المالية النيابية بشكل خاص والسلطة التشريعية بشكل عام».
وطالبت اللجنة رئاسة مجلس النواب بـ«تشكيل لجنة تحقيقية للوقوف على صحة ومصدر هذه التصريحات الخطرة، واتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة بحق كل من يتعمد الإساءة إلى سمعة الدولة العراقية ومؤسساتها الدستورية».
كما أكدت أن السياسة النقدية للمصرف المركزي، وخاصة فيما يتعلق بطباعة العملة، تخضع للمعايير والأسس النقدية، وتتوافق مع استقرار الوضع الاقتصادي ومستوى التضخم، وأن اللجنة المالية لديها برنامج عمل واضح لمراقبة السلطة التنفيذية.
وردّ النائب الخزعلي فشنّ هجوما لاذعاً على اللجنة المالية ورئيسها، قال فيه: «اطلعنا على ما يسمى بياناً هاماً صادراً عن اللجنة المالية الصادر بتاريخ 9 ديسمبر (كانون الأول) وهو يحتوي على العديد من الأكاذيب والهجوم علي شخصياً».
وأضاف: «بعد الاستفسار من السادة والسيدات أعضاء اللجنة المالية تبين أنه لا علم لهم بالبيان وهو صادر عن النائب عطوان العطواني (رئيس اللجنة) والذي تجاوز صلاحياته واستخدم ألفاظاً وعبارات غير محترمة بل وتعدى ذلك إلى أن يحل محل البنك المركزي والدفاع عن سياسته الفاشلة ويطالب بتشكيل لجنة تحقيقية ضدي متناسياً أنني نائب وما أقوله أتحمل مسؤوليته شخصياً».
وتابع: «بينما أحمله المسؤولية الكاملة عن الضرر المادي والنفسي الذي لحق بي من خلال اللجوء إلى القضاء العراقي، إلا أني أستغرب هذا الأسلوب التافه بالتنافس الانتخابي والذي أراد به التشويش على حقائق واضحة كالشمس وأهمها أن أكبر أسباب هذه المشاكل المالية هي أن المدعو عطوان العطواني كان وما يزال سبباً في فشل اللجنة المالية في أداء مهمتها الرقابية».
وطالب الخزعلي اللجنة المالية بسحب الثقة من العطواني بوصفه رئيساً لها.