أخباراقتصاد

مصر تمدد مبادرة حكومية لـ«توفير الدولار»

في وقت يواصل فيه الدولار الأميركي صعوده أمام الجنيه، متخطياً حاجز الـ70 جنيهاً في السوق الموازية (غير الرسمية)، حسب وسائل إعلام محلية، تسعى الحكومة المصرية لتوفيره، بوسائل وإجراءات عدة، من بينها تمديد مبادرة «استيراد سيارات المصريين بالخارج» لثلاثة شهور قادمة.

وتُسعِّر البنوك الحكومية المصرية الدولار بنحو «30.9» جنيهاً؛ لكنها تعاني من شح في العملة الأميركية الضرورية لعمليات استيراد معظم السلع التي تعتمد عليها مصر.

وأعلن وزير المالية المصري محمد معيط، الاثنين، موافقة مجلس الوزراء على مد العمل بـ«مبادرة السيارات» للمصريين المقيمين بالخارج، لثلاثة أشهر. وتعفي المبادرة السيارات المستوردة من الضرائب والرسوم، مقابل وديعة في البنك المركزي بالعملة الأجنبية لمدة 5 سنوات، على أن يتم استردادها بعدها بالجنيه المصري بسعر صرف وقت الاسترداد.

وكانت «المالية المصرية» قد وضعت آمالاً على المبادرة التي انطلقت في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، في جلب 2.5 مليار دولار، خلال المرحلة الأولى، غير أن بعض «المعوقات» -وفق مراقبين- حالت دون ذلك. وحسب بيانات رسمية، وصلت قيمة أوامر الدفع المرسلة من المواطنين المصريين المقيمين بالخارج والراغبين في استيراد سيارات حتى أبريل (نيسان) الماضي نحو 525 مليون دولار، لتخرج «المالية» مجدداً بقائمة محفزات شملت خفض الضريبة الجمركية بنسبة 70 في المائة، بأثر رجعي لجميع المستفيدين ممن قاموا بالتسجيل مسبقاً بالدول خارج الاتفاقيات التجارية، بيد أن الإجراءات سرَّعت تحقيق المستهدف، حسب معيط الذي خفض توقعاته إلى ملياري دولار.

واعتبر النائب كريم طلعت السادات، عضو مجلس النواب المصري، أن المبادرة لا تزال لم تحقق جدواها، وعدَّد الأسباب قائلاً: «نجاح المبادرة في جلب حصة من الدولار يتطلب خفض الشروط». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «علينا تغيير شرط أن تكون السيارة موديل العام، وفتح المجال أمام السيارات المستعملة. كذلك، بند الاستعمال الشخصي يحد من فرص تحقيق مكاسب، بينما اقترح أن يُسمح للمصريين في الداخل بجلب السيارات من الخارج من خلال التوكيلات».

وتعاني مصر من تفاقم أزمة الدولار، وسط ضغوط الدين الخارجي الذي بلغ نحو 164.7 مليار دولار بنهاية يونيو (حزيران) 2023، بينها 42.3 مليار دولار واجبة الاستحقاق هذا العام، وفق بيانات رسمية أدلى بها البنك المركزي المصري في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وعن مسارات توفير الدولار، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي: «الحل النهائي لأزمة الدولار ينقضي برفع قيمة الصادرات إلى 100 مليار دولار». وأضاف في لقاء مذاع على هامش عيد الشرطة الـ72: «إن الزيادة السكانية، والتي تقدر بنحو 26 مليون نسمة منذ 2011، التهمت جهود التنمية».

من جانبه، يرى الدكتور محمد زكريا محي، عضو لجنة الصناعة في البرلمان السابق، أن المبادرات قد تكون حلولاً تساهم في حلحلة الأزمة؛ لكنها لا تقدم اقتصاداً مستداماً، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «مصر كانت تعتمد على المصريين في الخارج كمصدر رئيسي للدولار، واستعادة هذا المصدر لن يتحقق بمبادرة، ولكن بوضع ضوابط ملزمة من شأنها ضبط سوق الدولار». وأردف: «لا أتحدث هنا عن التعويم (التحرير الكامل لسعر الدولار ليخضع لقانون العرض والطلب)، ولكن ضوابط مؤقتة تضمن عودة أموال المصريين في الخارج إلى البنوك الرسمية».

ويُقدَّر عدد المصريين في الخارج بـ14 مليون مصري، وفقاً لتصريح سابق أدلت به وزيرة الهجرة المصرية، السفيرة سها الجندي، في يوليو (تموز) الماضي.

ومن المقرر أن تزور بعثة صندوق النقد الدولي القاهرة قريباً. وحسب الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، في تصريحات متلفزة، فإن بعثة الصندوق تناقش زيادة حصة قرض الصندوق لتصل إلى 5 مليارات دولار، بدلاً من 3، وربما يصل المبلغ إلى 8 مليارات دولار لتخفيف تبعات الحروب المجاورة على اقتصاد مصر، لا سيما أن مصر تأثرت بشدة بسبب الحرب في غزة.

ويرى محي أن «مصر بحاجة إلى حزمة مساعدات تُقدر بنحو 30 إلى 50 مليار دولار على أقل تقدير». وأردف: «سواء كان الدعم مصدره الصندوق أو الدول الصديقة لمصر، فالاقتصاد المصري بحاجة إلى مسارين للنجاة: الأول هو تكاتف الأصدقاء والداعمين، كحل فوري، والثاني تنشيط مصادر دخل الدولار مرة أخرى، من خلال المصريين في الخارج والسياحة، وبالطبع الإنتاج والتصدير».

وتسبب وجود سعرين لصرف الدولار في حالة ارتباك بالسوق المصرية، وشهد كثير من أسواق السلع -بينها الذهب والسيارات- توقف مؤقت عن البيع لدى كثير من التجار، بداعي تذبذب الأسعار وعدم معرفة السعر الحقيقي، حسب وسائل إعلام محلية. كما أفاد البعض بامتناع تجار عن تداول الأجهزة الكهربائية المستوردة. ويعلق البرلماني السادات على ارتباك السوق قائلاً: «السلع يتم تقديرها بالدولار، وحسب الأسعار المتداولة في السوق الموازية، السعر يصل إلى 70 جنيهاً، وهو ما يخلق هذا الارتباك».

إغلاق